الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

عنهُ!

و لا بد للموت -و هو آخر المآل و منتهى الآجال-

من موطئ قدمٍ في حيواتنا،

يطأُ بها القلوب منا، علّهُ -قبل مماتِها- يحييها!



فما الموت إلا قاتلٌ متمرسٌ يعي أن ما يُقطِّع نِياط قلوب المحبين

إنما هو نزعُ الروح لتصّعد في جو السماء عن الجسد ليقِرّ تحت الأرض!



و ما الموت إلا سُمٌّ زُعافٌ يتبختر بين الأحياء في مهابة،

يستلِبُ من أجسادهم المنهكة أرواحها بكل اليسر؛ لأنه حاذِقٌ يعشق هاته الصنعة!




و ما الموت إلا سفّاحٌ مُتحرّفٌ يأنس بشتات الأرواح عن أجسادها التي عايشَتْها،

و يتضاحك جذِلاً حين تحين ساعة تنحية أحدهما عن الآخر!




و ما الموت إلا سحنةٌ قاتمةٌ تقتنص طريدتها في أي حين، لا تعبأ بالزمن،

و لا تكترث إن أسلم الجثمانُ الروحَ في سلام أم قد ضرجتْه الدماء!




ثم ما الموت إلا كيانٌ مُبهمٌ واثق الخُطى، لم يحِدْ يوماً -منذ بدء الخليقة-

عن مأربه في انتزاع زهرة الحياة -بغتةً- من براثن مَن حيَّ!



أمَا و ذلكم الموت مُغيِّبُنا و قد عرفتموه، فهلا -أيا صحبي- هلا تهيّبتموه؟!

الثلاثاء، 5 يوليو 2011

إنْ هم إلا يظنون!

لا ينفك معظم الورى عن الظنون، جاعِليه نبراسهم في كل الشؤون!
تراهم في ريْبهم -هم- مترددون، يتحسسون بقلب الحاقدِ الخؤون!
فيا ليتهم بأمر المحب يعلمون؛ لكنهم، إذ عذلوا، تخطَّفتهم الظنون!


يظنون بالمحب أنما يسلك سهل الدروب، و ما علموا أنه يهيم على وجهه ألف ألف كرّة حتى يتيهَ في ظلمات الهوى يَعْمهُ فيها حتى حين!

يظنون بالمحب أنما قد خُلِّد -جسداً و روحاً- في نعيم الجنان، و ما علموا أن الجسدَ منه و الروحَ في حشا هواهُ يستعِران!

يظنون بالمحب أنما هو ملَكٌ يعلو رؤوس الخلائق، و ما علموا أن جحيم الهوى قد أحرق منه الأجنحة لـ يهوي من عِلٍّ عند أقدام الأشهاد!

يظنون بالمحب أنما قد أظلّته سبعُ السماوات بالرحمة لمّا هوى، و ما علموا أنه بأنجُمِ أُولاها كل حينٍ كـ الشيطان المريد يُرجَم!

يظنون بالمحب أنما قد وُكِّلت به رحمات الكون كلِّها، و ما علموا أن روحه في هواهُ كلَّ يومٍ تُقبضُ!

يظنون بالمحب أنما قد وُسِّدت له الأرض تحت قدميه، و ما علموا أنه يتخبّط في خُطاه عاثراً حتى يتردى فيما هوى أبد الآبدين!

يظنون بالمحب أنما هو إنسان سويٌّ كـ الأناسيّ، و ما علموا أن برزخ الحب يُخيّره بين وأد قلبه أو فقد عقله، و كلاهما شرٌّ مبين!


ألا يا أيها الطائر الصب في الفضا حلِّق عنهمُ
إنْ هم إلا غرقى الظنون، فـ دعك منهمُ!

الخميس، 5 أغسطس 2010

أشكو حزني و الشجن

في فسحة الحياة الرحبة، غالباً ما يطل علينا ركن مضيء من الأمل، غير أن هذا ليس حال المُحب الذي لا يلبث أن تغادره أشجانه حتى تعاوده كرة بعد أخرى، و كأنما تفُتُّ في عضده؛ لتنخر عظامه و تُبليها. 
و في عصر تجمّدت فيه العواطف، و تحجّرت فيه القلوب، و تأججت فيه نيران الفتن حتى لكأني بها تذكي في نفسي الريبة و الشك، فإني أصرخ مستجيراً، شاكياً بثي و حزني:

أما لذلك الليل من نهاية؟ أما لذلك النهار من غاية؟
مالي أرقب الليل مع النهارَ؟ مالي أرتاد دروب الحيارى؟
مالي أطل على الدنيا شاحباً ممتعقا؟ مالي أطل عليها غاضباً قد أرِقَ؟
مالي هكذا، و القمر قد ارتفعَ؟ مالي هكذا، و النجم قد التمعَ؟
مالي أحيط ركبتيَّ بساعِدَيّ، و أطرق برأسي عندهما في الحيّ؟
مالي أخط أحزاني على الورقِ؟ مالي أبدد دمعيَ بالحنقِ؟
مالي حزين، و الكون قد ابتسمَ؟ مالي أبدلتُ النعمَ النقمَ؟
أسئمتُ، فانحدرتْ دموعي؟ أجزعتُ، فأعجَزْتُ ضلوعي؟

الجمعة، 30 يوليو 2010

مُحِبٌ جَزِع

"لكل عملة وجهان"!
عبارةٌ ألِفناها، و الدهر أفناها!
و الحب ليس مستثنى؛ فظل حزنه لا يفنى!
تجارب الحب عديدة، و آلامه -جدُّ- مديدة!
أباح دمي و أحله؛ و هدَّ جسمي، فاستحله!
إليكم معاناتي و مأساتي:

تباً له أرداني!

قد استحالت سمايَ إلى الأحمر القاني، فقل لي-بربك-: كيف تلقاني؟!
أنا الصب المُعنَّى، بجسمٍ مرهقٍ فاني...أنا من تُرَتِّلُ الأحزانُ ألحاني!
فقل لي-بربك-: كيف تلقاني؟!

أقبَلَ الحب إليَّ، فهَدَّ أركاني؛ و راح عني -مدبراً-، فأرداني!
فجف نبعي، و ارتوت شطآني...لا ماء يرويها غير أحزاني!
فقل لي-بربك-: كيف تلقاني؟!

تكالبت همومي، و الأنام تراني...عاضّاً بنواجذي كلَّ بناني!
تسارعت ساعاتٌ بعد ثواني؛ و تقضَّتْ أيامي، و أُلبِستُ أكفاني!
فقل لي -بربك-: كيف تلقاني؟!

فلتحذرها!

حاذر سهام الهوى يا هذا، و دع قولَ:  "كيف؟" أو "ماذا؟"
تراها تحوم في فَلَك القلبِ، و إنها ما تنفك تفتك باللبِّ!
فقل لي -بربك-: كيف جُنَّ جنوني، و ساءت -بعد حُسْنٍ- كلُّ ظنوني؟!
ألا إني أشهد الأكوان أني...قتيل سهم من نظر!

فلنعتلِ -معاً- صهوة سهم من هاتيك السهام؛
لنسبرَ خفايا أعماق قلب العاشق الصب:


سهام الحب

أصابني منك سهم، بل سهامُ، فقلتُ: ما بعد جرح إلا التئامُ
لكن سهماً منكِ لا يذوى، و إن ضاقت به ذرعاً الأيامُ
ما زادني إلا هُياماً و حباً، فَراقَ لي ذاك الحب و الهيامُ
فهل بعد صبر إلا اصطبار! و هل بعد الصمت إلا الكلامُ!
فصحتُ: "يا حبي و يا أملي"، بعد إذ طال بي المُقامُ
فجاوبني صمتٌ مطبقٌ، و ردَّدَتْ أصداءَه الآلامُ
فغادرتني دموعٌ رَغم عيني، و مزقني ذلك الإرغامُ
فقل لي -بربك-: كيف لا أهوى، و قد سجل الهوى الإلهامُ!
فالزمي جوار الله يا نفسي؛ فمع الله تَحقَّقُ الأحلامُ

الثلاثاء، 20 يوليو 2010

لظى: مثقال الحب

العشق شيء من لظى جهنم!
بين يديَّ اعتراف صريح -لسبب أو لآخر- قد يثبت -أو لا يثبت- حقيقةً كهذه!
و اعتراف كهذا دليلُ الشجاعة و البأس!
و من منطلق "من يتهيّب ارتقاء الجبال يستعذب سُكنى الحفر"، و درءاً لضعف النفس البشرية، خُطَّ هذا الاعتراف:

فعلُ الحبيب

بذكركِ أُنسيتُ آمالي، و أحلامي، و أثقالي
ببعدكِ لا عيشُ النهار يحلو، و لا يحلو لي جنح الليالي
تخبطتُّ حتى لم يعد شعري مضرِبَ الأمثال
النسيان سؤل، لا جواب له، إلا ما كان من ترحال
أما الرحيل، فمستصعبٌ؛ و أما نسيانكم، فمحال
أما الكلام، فمستسهلٌ؛ و أما الصعاب، ففي الأفعال
قد بللتْ عيني الدموع، فلم يغن عن سيلانها إسبالي
فتكفكفت على الخدين، واشيةً بما في القلب من أحمال
قد كان القطر، فيما قد مضى، يسقي الزهور و ضيِّقَ الحال
و اليوم سقيا الرعية من دمعيَ المتكفكف المهطال

الأحد، 18 يوليو 2010

الحب المصفصف و القلب المستضعف!

في زمان اللازمان، و في عصر اللاعصر، تجف المشاعر، و تذبل العواطف، و لا تجد زهرة الحب من يروي ظمأها؛ فكل -في شُغُلٍ فاكهٌ مشغول- يعُبُّ من الماء النمير الزلال العذب الفرات؛ ليروي بدنه المُعَنَّى، ناسياً -أو متناسياً- زهرة الحب الذابلة في مكنون روحه، و تلافيف مخه، و ثنايا فؤاده!
فبالله عليك -أيتها الزهرة المسكينة- من لك من بين الأنام خليلاً؟!
فإليك -أيتها الزهرة البائسة- أزف أشواقي:


تقهقرت في مقعدي -إن صح لهذا التعبير أن يصح- تقهقهر المستضعف
و قد أسبلت جفني ألماً؛ إذ كان لهذا الجفن أن يطرف
و تصدع لبي عن حب الحياة و ألفها، و كان لهذا القلب أن يقرف
أين السبيل...أينها -يا قلبي- إلى الحب المليح المصفصف؟!

دهاليز الكآبة!

و ما منا من امرئ إلا و له ردح من الزمن يتيه -أو تاه- فيه!
و قد يضل المرء في دروب الحياة زمناً طويلاً، غير أن ضياعي كان من نادر الأنواع!
فقد حللتُ ضيفاً على الحزن؛ أم أنه هو من حلَّ علي ضيفاً ثقيلاً؟!
أنزلني سوء المنزلة: أذلني! أهانني!
اكتويتُ بناره، و غيبتني أمصاره!
اسمع لأنيني و شكواي، و ارأف بحالي و بلواي:

ماذا دهاني؟!
ماذا اعتراني؟!

لقد لبثتُ في غياهب الحزن ردحاً من الزمن ليس باليسير!
و قد مكثت في دهاليز الكآبة دهراً، يُغلفني الصمت المرير!
في عقر دار اللظى، أتلظى؛ مُستقري -ويلتي- اللهبُ سرير!

أهو الضمير الذي فيني، أم اللهيب في الجوى يستعر؟!
أهو الهم يكويني، فما لي منه من مفر؟!
أما من ماء يُرَويني؛ يُروِّي القلب إذ ينحدر؟!
أيا شوقي و حنيني إلى كفِّ يكفكف دمعي المنهمر!